القاصة مريم التيجي
مشايخنا بين الجهالة وإشعال حرائق الفتنة
و أنا أتابع آخر تصريحات الشيخ عبد الباري الزمزمي ألح علي من جديد ذلك السؤال القديم: ترى هل
يعرف الفقهاء في عصرنا دورهم جيدا؟ هل يعون خطورة تصريحاتهم؟
خصوصا أننا نعيش في مجتمعات لا يزال المقدس وخطاب رجل الدين يشكل ذهنية أفرادها ويؤثر في سلوكاتهم الآنية والمستقبلية.
في حوار مليء بالأخطاء التاريخية والمغالطات المنهجية، قال الزمزمي أن اليهود أقلية طارئة في المغرب، و أن الأقليات المسيحية قديمة,
لحد الآن لا أعرف في أي كتاب تاريخي قرأ هذه المعلومات، لأن الثابت الذي لا يختلف حوله أن اليهود سكنوا المغرب قبل وصول الاسلام والعرب بقرون طويلة، وأنهم إلى جانب الأمازيغ كانوا من أوائل المستوطنين بالمنطقة، ولا تزال تربطهم علاقة مقدسة بالمغرب تعود جدورها الى التاريخ القديم،
ومما لا يعرفه الكثيرون أن يهود المغرب يعتقدون أن أرض الميعاد هي المغرب، وليس فلسطين، مستشهدين بوصف كتبهم المقدسة لأرض الميعاد على أنها أرض دائمة الخضرة والمياه الحارية و هذا ما وجدوا عليه أرض المغرب قبل قرون بعد التيه الذي أوصلهم الى ضفاف المحيط، وللمزيد من الاطلاع يمكن العودة الى ما نشره الباحث المغربي المتخصص أحمد المدلاوي,
كما أن اليهود الذي يعتبر شيخنا أنهم أقلية طارئة ومشتتة كانوا في بعض مناطق المغرب كمدينة صفرو قبل عام 1967 يشكلون أغلبية تعايشت مع المسلمين، قبل أن تهجر أحيانا قسرا من طرف وكالة الهجرة الاسرائيلية الى فلسطين، وتحت ضروف تفصل كتب التاريخ فيها القول ،
وما يعتبرهم ديانة قديمة أي المسيحية، لم اعثر على بحث واحد يشير ولو مجرد الاشارة لذلك، حيث أن المسيحية لم تستوطن المغرب القديم، ولم يكن لها أتباعا يمكن اعتبارهم أقلية,
وبعد هذه المقدمة العلمية جدا يخلص شيخنا الجهبد أن اليهود و المسيحيين لا يشكلون أي خطر، و أن الخطر الحقيقي هو المذهب الشيعي,
ترى هل يعرف شيخنا أن العالم الاسلامي مقبل على حرب طائفية طاحنة بدأت تكشف عن أنيابها، وأن هذه التصريحات العدائية تؤجج اللهب، وتقدم الحطب للنار التي ستحرق أمة لا تزال نزاعات قديمة تسكن لا شعورها وتوجهها نحو المجهول؟
ومع ذلك أعتبر أن الصحافة هي التي تصنع الفتنة وتدفع الى الهاوية بكل ما أوتيت من جهالة، لأن شيخنا مستريح في بيته، لولا أن الصحفيين يبحثون عنه ويطرحون عليه أسئلة من قبيل الحكم في نكاح الجتت ثم يملؤون الصفحات والمواقع بردوده السخيفة، كما أن هذا الحوار الذي أجده أكبر من حجم الرجل ومن كفاءته الذهنية التي عصف بها الزهايمر أجراه معه صحفي لصالح موقع الكتروني مقروء، وحي على الفتنة….هكذا تكون الصحافة المواطنة وإلا فلا