مرثية لقيس دون ليلى
الشاعرعلي محمد سعيد
عاطلٌ عن التمني
فكيف أبتكر المدى وأحرث الليل
الموغل بالإنطفاء
وكيف اُحرضُ الرملَ ليحتج على غوايات البنفسج .
لم يكن للريح رأي في احتراق المواعيد
كانت الارض تتسلى بنحيب الصدى
وتشعل البعد المهادن للطريق.
لم يكن وجهكِ آنذاك مفتاحا للبداية
لكني كنت فاتحة الكتاب.
لا اقول الغيم قبعتي
لا اقول الشمس جبهتي
ولا البحر عكازي
لكن الفصول ما تزال تهتدي بآثاري.
مفتونة ً بالغياب المُهرَّب من ازقة العشاق
وصوتك فجر عصفور قديم
وانا شجر الكلام.
الخريف مئذنة الرحيل فلا تمنحيه منديلك المبحوح
ولا تقربي النهر المُحمَّل بالبريد
فقد تكون الاقاصي أشد وشاية من عيونك.
لأطلالك باب لا يتقن الذكرى
تسمَّر عند مزلاجه الرمادي قطيعُ الاماني.
مَن يعبر الان؟
مَن يسوق ذراعيّ لاكتشاف العناق ؟
في السابع من الصيف سأحتفل بميلادك وحيداَ
لن اطلب من الياسمين المبيت عند خصلة شعرك
ولن أكترث لمجيئ الصبح سريعا كعادته
سأصم قلبي عن غناء النجوم
وأسامر بكاء الجدار
” امرُّ على الديار , ديار ليلى”
ُتباغتني حفنة ٌمن ظلام
فيهربُ من قميصي قمرٌ شاحب.
ـ هل تبدلَ الليل أم تغير طعم التضاريس ـ ؟
لماذا تنسى الشجيرات القصية ماء المواعيد ؟!
لو يَصدِقُ الحمام في وعوده, لأغلقتُ الانتظار
ودونت ,على ورق المسافات , ليلى.
الينابيع هاجرت أعشاشها
والافقُ في التباس
ثمة كوكب قرر اعتزال السماء.
وقد يأتي الغد حاملا خبر انتحار الفضاء.
عاطل عن التمني,
أُجمُّر القلبَ رغم انطفاء المسرى
واكتفي بتمتمة القوافل.
لا أبكي رحيلك , واهمٌ هذا المدى
أيبكي العشق قاتله؟!
انا سنبلة المسافات وانت غابة من رمال.
ــ لا يتعظ البحرُ من خيانات النوارس ـــ
منقاداً الى وجع الحكايات
أُهدهد الوقت بالفجيعة
وأمحو من ذاكرتي ما تبقى من رمادك
لن أستدلّ على الصبح بابتسامتك
ولن أرجم المسرات بأنباء البعاد
غافلٌ هذا الاسى عما أُريد …
ما عليّ لو ارتدتني الحقول وقسمتني الغصونُ على مداراتها
سيكبرُ أطفال العشب حولي
يُنشدون اغنيةً لقمر المدينة :
“قيسٌ وطنٌ مفجوع وليلى المنفى”